حرية التعبير في الإسلام : بعد الضجة الإعلامية و السياسية و الإقتصادية التي شهتدها اوروبا و العالم الإسلامي نتيجة نشر رسوم كاركتورية مسيئة للنبي محمد في صحيفة يولاندس بوستن الدانماركية طفى إلى السطح من جديد تساؤلات في العالم الغربي عن حرية الرأي والتعبير وفيما إذا كان العالم الغربي سوف يضطر إلى أجراء تعديلات في مفهومها لحرية الرأي والتعبير لتتماشى مع المعتقدات الدينية لملايين المهاجرين إلى اوروبا من العالم الإسلامي. بدأت الكثير من الأراء الحكومية و الشعبية في العالم الغربي باتجاه يطالب بالحفاظ او حماية حرية التعبير التي يعتبر من أهم ركائز الديمقراطية وبدأ البعض في العالم الغربي بالقول بان "الحرية معدومة في الإسلام بسبب العقلية المتحجرة للمسلمين الذي يحاولون تطبيق مفاهيم غير صالحة للتطبيق حتى في العصور الوسطى".
هذه ليست المرة الأولى التي يتم وصف الرد الفعل الإسلامي بالعنيف و غير المبرر على ما يعتبره العالم الغربي حرية الرأي والتعبير فقد حدثت ردود فعل مشابهة في عام 1988 نتيجة نشر رواية آيات شيطانية للروائي البريطاني من اصل هندي سلمان رشدي والذي صدر في لندن في 26 سبتمبر واعتبره المسلمون إساءة اخرى تضاف إلى تاريخ الإساءة إلى شخصية الرسول محمد . السؤال هنا والذي يجد الأنسان الغربي صعوبة في ادراكه هو لماذا ردود الفعل للإساءة للرموز الدينية يعتبر حدثا جللا في العالم الإسلامي بينما رد الفعل لدى اصحاب الديانات الأخرى لاتتسم بنفس المستوى من العنف حيث صدر في السابق العديد من الأعمال الفنية التي هاجمت في الصميم تعاليم الكنيسة المسيحية مثل لوحة "البول على المسيح" و فلمي آخر وسوسة للمسيح و حياة برايان ولكن الإحتجاجات وان اتسمت بعضها بنوع من العنف ولكنها لم تصل على الإطلاق إلى حد إصدار فتاوى للقتل او حرق سفارات او قتل فنان كما حدث للمخرج الهولندي ثيو فان غوخ الذي قتل في 2 نوفمبر 2004 على يد محمد بويري الهولندي من أصل مغربي لإخراجه فلم الخضوع .
التساؤل الذي يدور في ذهن الأغلبية في العالم الغربي هو فيما اذا كان العنف و انعدام حرية الرأي والتعبير مغروس في تعاليم الإسلام ام هي ظاهرة اجتماعية بيئية او هي ظاهرة معقدة متعددة الأوجه و الأسباب ويلعب فيه الدين جزءا صغيرا. يحاول هذا المقال العودة إلى جذور ايمان الفكر الغربي بقضية حرية الرأي والتعبير وتحليل ظاهرة العنف الذي يصاحب رد فعل الشارع الإسلامي نتيجة افكار يراها الشارع مسيئة إلى الإسلام و تحديد الأوجه العديدة لردود الفعل العنيفة تجاه مايعتبر في العالم الإسلامي اساءة إلى الرموز الدينية